أسباب مخالفة رأى اللجنة الاستشارية للدستور والقانون
بخصوص عدم جواز الموافقة على الإعارة والندب والأجازات للأستاذ المتفرغ
(بند رقم 30، 31) من محضر مجلس الجامعة رقم 666 بتاريخ 31/3/2021م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله وعلى سائر الأنبياء والمرسلين …. وبعد.
فهذا كتاب ينطق بالحق ويسجل فى صدق وأمانة أحقية علماء جامعة الأزهر وأساتذتها الأجلاء الذين وهبوا أنفسهم للعلم وقضوا حياتهم فى محرابه فعلموا وعلموا ونفع الله بعلمهم وكانوا كالأرض النقية التى قبلت الماء فأنبتت الخير الكثير والرزق الوفير.
ومن واجب الوفاء لعلمائنا الأجلاء أن نذكر لهم هذا الفضل العظيم وأن نحييهم تحية الإعزاز والتكريم وأن نرفع عنهم أى خطر محدق.
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الاستشارية الموقرة أبدت رأياً عُرض فى مجلس جامعة الأزهر بجدول أعمال الجلسة رقم (666) بتاريخ 31/3/2021م (الموضوع الثلاثون والحادى والثلاثون) وذلك بشأن عدم جواز الموافقة على الندب والإعارة والأجازات للأساتذة المتفرغين بحجة تعارض ذلك مع طبيعة عملهم.
وهذا الاجتهاد من اللجنة الاستشارية الموقرة والاختلاف معها لا يفسد للود قضية على الإطلاق.
واستئناساً بقيم الإسلام النبيلة ورسالة الأزهر العظيمة نسرد تعارض هذا الرأى مع الدستور والقوانين وما صدر عن المحكمة الدستورية العليا من أحكام وكذا الأعراف والتقاليد الجامعية المستقرة فى جميع الجامعات المصرية.
أولاً: المواد الخاصة بمخالفة رأى اللجنة الاستشارية للقانون:
المادة (195) من القانون 103:
“تسرى على جامعة الأزهر وعلى أعضاء هيئة التدريس بها والمدرسين المساعدين بها جميع الأحكام التى تسرى على الجامعات المصرية وعلى أعضاء هيئة التدريس والمدرسين المساعدين والمعيدين بها”.
المادة (56) من القانون 49:
“يكون للأستاذ المتفرغ ذات الحقوق المقررة للأستاذ وعليه واجباته وذلك فيما عدا تقلد المراكز الإدارية”.
المادة (165) من القانون 103:
“يجوز ندب أعضاء هيئة التدريس لمدة محدودة لجامعة أخرى من الجامعات المصرية أو بعمل وظيفة عامة أخرى بعد أخذ رأى مجلس الكلية ويعتبر الندب كل الوقت إعارة”.
المادة (166) من القانون 103:
“إجازة إعارة أعضاء هيئة التدريس لجامعة أجنبية أو معهد علمى أجنبى كما أجاز فى حالة المصلحة القومية أن تكون الإعارة قابلة للتجديد”.
المادة (56مكرر) من القانون 103:
“يعامل أعضاء هيئة التدريس والمعيدين بجامعة الأزهر معاملة نظرائهم فى جامعات الجمهورية العربية على أن يعتبر الأستاذ بجامعة الأزهر نظيراً للأستاذ بهذه الجامعات”.
المادة (55) من القانون 49 بند (6):
“إن حق التعيين والنقل والإعارة والإيفاد فى مهمات ومؤتمرات علمية وندوات أو حلقات دراسية واقتراح الترخيص للأساتذة بأجازات التفرغ العلمى حق أصيل لمجلس القسم”.
حيث إن المادة (140) من القانون 103 تنص على نفس المعنى وهى التى نصت على أن تختص جامعة الأزهر بكافة الدراسات المبينة فى المادة (55) من القانون 49 لسنة 1972م.
كما نص القانون رقم (50) لسنة 1975م على تطبيق القانون 49 لسنة 1972م بشأن تعديل الجامعات المعدلة بالقانون رقم 83 لسنة 1974م على الأساتذة أعضاء هيئة التدريس بالكليات والمعاهد العليا التابعة لوزارة التعليم العالى وجامعة الأزهر.
المادة (33) من القانون 103:
“إن رسالة الأزهر عالمية تؤدى رسالتها إلى الناس جميعاً وتعمل على تقدم البشر وكفالة السعادة لهم فى الدنيا وفى الآخرة وتعمل على تزويد العالم الإسلامى والوطن العربى بالعلماء فى داخل الجمهورية العربية وخارجها”.
وتعنى بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات العلمية الإسلامية والعربية والأجنبية.
وكانت التقاليد العلمية فى الأزهر أساساً للنظام الجامعى والتقاليد الجامعية فى كل بلاد الدنيا وقد اكتسب اسم الأزهر بذلك قدسية واكتسب المنتسبون إليه احتراماً فى مشارق الأرض ومغاربها وكان ذلك سبباً لتوثيق علاقتنا ببلاد وشعوب العالم منذ العصور إلى اليوم ووقف الأزهر قلعة شامخة فى وجه كل المحاولات لاستبعاد الأزهر عن القيام بدوره الرائد.
عن المستشار/ عوض المر
ثانياً: شرح مخالفة رأى اللجنة الاستشارية الموقرة لمبادئ الدستور والقانون:
- الأصل فى موضوع تنظيم الحقوق ما هو مقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا من أحكام بأنها سلطة تقديرية جوهرها المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع لاختيار أنسبها فهى سلطة تقديرية بضوابط تحد من إطلاقها على أن ما يضعه مصدر القرار من قيود عند تنظيمه لهذه السلطة لا يجوز أن ينال من الحقوق لما فيه من إهدار لهذه الحقوق أو تهميشها من عدوان على مجالاتها الحيوية التى لا تتنفس إلا من خلالها.
وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن النصوص التى ينظم بها مصدر القرار للحقوق تعد مجرد وسائل يتخذها مصدر القرار طريقاً إلى تحقيق أغراض بذواتها.
كما أن الحقوق لا يجوز تنظيمها باختيار بديل إلا إذا كان البديل الذى قام عليه أقل تقييداً لهذه الحقوق وهذه القاعدة هى ذاتها التى تقرر أن تنظيم الحقوق لا يجوز أن يصل إلى حد هدمها أو تقليصها فهذه قاعدة كلية تقتضى بالضرورة صون الحق المكتسب وهو ما لم يتحقق فى رأى اللجنة الاستشارية الموقرة وبالتالى يشكل مخالفة دستورية (طبقاً لما استقر عليه القضاء الدستورى لأسباب عديدة أهمها أن التمييز بين الأستاذ العامل والمتفرغ وكذلك التمييز بين الجامعات المصرية التى يصدر عنها مثل هذا الرأى يؤثر على أستاذاً جامعة الأزهر نفسياً وفكرياً كما لو كان أستاذ من الدرجة الثانية.
والحق فى العمل ليس ترفاً ولا منحة من أية جهة وبالتالى لا يجوز أن يعطل رأى اللجنة الاستشارية الموقرة هذا الحق أو يقيده من خلال التذرع بتنظيمه.
كما أن الرأى الصادر عن اللجنة الاستشارية الموقرة الذى جعل أساتذة الجامعة العاملين يرجحون شيوخ العلماء ومن ثم لا يمكن تبرير هذا التمييز بينهم بل يعد ذلك تحكماً منافياً لنص المادة (40) من الدستور ومجاوزاً الشروط الموضوعية التى ينبغى أن يُحاط بها الحق وفقاً لنص المادة (13) من الدستور.
عن المستشار/ عوض المر
- بطلان الإخلال بالمراكز القانونية التى اكتمل تكوينها:
- إن معاملة الأساتذة المتفرغين يجب ألا تختلف فى الحقوق والواجبات عن نظرائهم العاملين الذين لم يبلغوا بعد سن التقاعد وصار الأستاذ العامل وبالتالى أصبح أصبح الأستاذ العامل والمتفرغ فى مركز قانونى واحد لتمتعهم بالحقوق عينها وخضوعهم للواجبات ذاتها باستثناء حرمان المتقاعدين منهم من تقلد أى مناصب إدارية ومن المقرر وفقاً لقضاء المحكمة الدستورية العليا أن الشروط التى تفرضها الجهة التشريعية لقيام حق من الحقوق فإذا نشأ الحق مرتبطاً بها لم يعد جائزاً التعديل فى شروط وجوده بعد اكتمالها وإذا أدى إلى خلاف ذلك فقد خرج على القانون.
- إن حرمان الأساتذة المتفرغين من فرصهم وحقهم المكتسب كما جاء فى رأى اللجنة الاستشارية الموقرة مناقض لنص المادتين (18، 49) من الدستور.
جـ – الإعتداء على ما أباح القانون من سلطات لمجالس الأقسام والكليات:
- أن حق التعيين والنقل والإعارة والإيفاد فى مهمات ومؤتمرات علمية وندوات أو حلقات دراسية واقتراح الترخيص للأساتذة بأجازات التفرغ العلمى حق أصيل لمجالس الأقسام ومجالس الكليات ورأى اللجنة الاستشارية هذا يسلب الكليات والأقسام إرادتها ويفقدها إستقلالها فيكون هذا الرأى الصادر عن اللجنة الاستشارية الموقرة قد جاوز بنص البند 13 مكرر (1).
- وبالتالى يكون هذا التجاوز قد أدى إلى تدخل اللجنة الاستشارية الموقرة فى استقلال الجامعات المكفول بنص المادة (18) من الدستور وفى ديمقراطية الأداء الجامعى وخروجه على مبدأ التعددية فى الآراء وهو مبدأ دستورى لا يجوز النزول عنه فقد كان من الواجب فتح حوار مجتمعى بين مجالس الأقسام والكليات لأخذ رأى الأغلبية دون انفراد اللجنة برأيها بالإضافة إلى ذلك فإن هذا التدخل يؤدى إلى الإخلال بين المراكز القانونية المتماثلة للقائمين بالتدريس فى الجامعة على تباين مواقعهم وأعمارهم ويحول دون اتخاذ مجالس الكليات وأقسامها لقراراتها فى أخص شئونها ولا يتوخى إلا أن ينال من ممارستهم لما أباحته لهم القوانين وبالتالى فإن حكم هذا البند يكون مخالفاً لأحكام المواد (18، 40، 47، 49) من الدستور.
عن المستشار/ عوض المر
- إن رأى اللجنة الاستشارية الموقرة آنف البيان يناقض ما نص عليه قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972م والقانون رقم 103 من تخويل كل أستاذ متفرغ الحقوق ذاتها المقررة للأساتذة العاملين وهذا لا يسرى فقط على أعضاء هيئة التدريس بالكليات والمعاهد العليا التابعة لوزارة التعليم العالى بل ينسحب كذلك إلى جامعة الأزهر عملاً بنص المادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 75 المشار إليه.
- إن القانون 103 والقانون 49 يؤكدان على أن قيام الجامعات المصرية تم على أسس ديمقراطية من خلال إدراتها بصورة جماعية بدءاً من مجلس القسم وهو خليتها الأولى ومروراً بمجلس الكلية ثم مجلس الجامعة وهذا المظهر من مظاهر استقلال الجامعة حيث تنبع إدارتها من داخلها بصورة جماعية ممثلة فى مجالسها كذلك فإن استقلال الجامعة قد تمثل فى إستقلال عضو هيئة التدريس ذاته وهو العنصر البشرى الأساسى فى المؤسسة الجامعية ليحقق له الاستقلال الفكرى والعلمى والديمقراطية فى الإدارة والأمان الكامل فى رزقه وبالتالى لا تكون الإرادة من أعلى تفرض بديلاً عن تعدد الآراء وتفاعلها ومقابلتها ببعض سواء لتصويبها أو لإبدال غيرها والتعددية قيمة دستورية فى ذاتها لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها وهى قيمة لا يجوز النزول عنها أو التفريط فيها دون احتكار الآراء أو فرضها أو تقليص فرص الاتصال بها وتلقيها بآذان واعية وعقول مفتوحة.
- والسؤال الذى يفرض نفسه ما هو الغرض من هذا الرأى الصادر عن اللجنة الاستشارية الموقرة؟؟:
- إن رأى اللجنة الاستشارية الموقرة رجح شبان الجامعة وقدمهم على شيوخها وهو أمر يستحيل أن يتفق مع قضية التطوير الجامعى بل يناقض هذه القضية ويهدمها من أساسها ويتعارض مع رسالة الأزهر الشريف والتقاليد العلمية كافة كأساس للنظام الجامعى والتقاليد الجامعية فى كل بلاد الدنيا وقد اكتسب اسم الأزهر بذلك قدسية واكتسب المنتسبون إليه احتراماً فى مشارق الأرض ومغاربها وكان ذلك سبباً لتوثيق علاقتنا ببلاد وشعوب العالم منذ العصور إلى اليوم ووقف الأزهر قلعة شامخة فى وجه كل المحاولات لاستبعاد علمائه.
عن المستشار/ عوض المر
هـ – بطلان الإخلال بالمراكز القانونية التى اكتمل تكوينها قبل العمل برأى اللجنة الاستشارية الموقرة:
- وهذه القضية المعروضة التى كان يمكن حلها بقدر من النظر فى عمل هؤلاء وهؤلاء بما يكفل تعاونهم فى إطار العملية التعليمية عن طريق مجالس الكليات والأقسام طبقاً للقانون وذلك رغم الحق المكتسب الذى يتمتع به الأساتذة المتفرغون والإخلال بالمراكز القانونية التى اكتمل تكوينها فإن الأصل هو ألا يخل القانون أو (الرأى الصادر عن اللجنة الاستشارية الموقرة) بمراكز قانونية استقر وجودها قبل نفاذه ولا تعديل فى بنيانها بعد استجماعها لعناصر وجودها (دستورية عليا القضية رقم 18 لسنة 17 قضائية دستورية قاعدة رقم 42- ص 693 من الجزء السابع) وبذلك يجب معاملة الأساتذة المتفرغين وجوباً لا يختلفون فى حقوقهم وواجباتهم عن الأساتذة العاملين وبالتالى صار كل من الأستاذ المتفرغ والعامل فى مركز قانونى واحد لتمتعهم بالحقوق عينها وخضوعهم للواجبات ذاتها باستثناء حرمان المتفرغين منهم من تقلد أى مناصب إدارية، وفى ذلك تقول المحكمة الدستورية العليا (أن الشروط التى تفرضها جهة التشريع لقيام حق من الحقوق تعتبر من عناصره بها ينهض سوياً على قدميه ولا يتصور وجوده بدونها) فإذا نشأ الحق مرتبطاً بها لم يعد جائزاً التعديل فى شروط وجوده بعد اكتمالها (القضية رقم 34 لسنة 13 قضائية دستورية- قاعدة رقم 27- ص 309 من الجزء السادس من مجموعة أحكامها).
بناءً على ما تقدم
- حيث أنه ثبت بالدليل القاطع أن رأى اللجنة الاستشارية الموقرة لا سند له من الأسانيد القانونية التى يعطيها قوة التطبيق على الإطلاق على أرض الواقع بأى صورة من الصور ويخالف الدستور والقانون أرقام المواد (195) من القانون (103)، والمادة (56) من القانون (49)، والمادة (165) من القانون (103)، والمادة (166) من القانون (103)، والمادة (56 مكرر) من القانون (103)، والمادة (55) من القانون (49) بند (6)، والمادة (140) من القانون (103)، والقانون (50) لسنة 1975، والمادة (33) من القانون (103)، وكذلك غيرها من المواد وما جاء بالدستور وأحكام المحكمة الدستورية العليا كما تبين من السرد السابق.
- وحيث أن ما بنى على باطل ….. باطل مما أثار شجون علماء جامعة الأزهر لثقتهم ألا يتم فى عهد معاليكم ظلم لهم.
من أجل ذلك
يرجى التفضل بالأمر بإعادة عرض الموضوع على مجلس الجامعة برجاء:
- أن ترجع الأمور إلى نصابها كما كانت عليه.
- تطبيق ما يطبق فى الجامعات المصرية طبقاً للمادة الملزمة (195) من القانون (103) والقانون (50) لسنة 1975 وغيرها كما أسلفنا.
والله ولى التوفيق ،،،
تحريراً فى: 4/8/2021م.
أ.د. محمد حسين توفيق عويضة
( )
رئيس مجلس إدارة نادى هيئة تدريس جامعة الأزهر
المفوض من أندية الجامعات المصرية
المؤسس لمؤسسة علماء مصر للنهوض بالتعليم العالى والبحث العلمى